هويتنا
في كل حادثة كبرى، هناك لحظة صامتة سبقتها. لحظة لم يلتفت إليها أحد أو أُهملت لأنها بدت عابرة. التاريخ مليء بإشارات خفية لم تُفهم فتحولت إلى كوارث غيّرت مصائر أشخاص ومؤسسات وأمم.
من هنا وُلدت فكرة المحفز الصامت؛ ليست كأداة تقنية، بل كفلسفة ترى أن السلوك البشري هو أعظم مؤشر وأصدق إنذار. فقد ظلت السلامة لعقود محصورة بين النموذج الأمريكي (السلوك الفردي) والبريطاني (التشريعات)، بينما البعد الثالث هو الإنسان نفسه: وعيه وثقافته كسلاح للتنبؤ والاستدامة.
إن المحفز الصامت محاولة لتأسيس مدرسة سعودية للسلامة، تعيد تعريف الوقاية كعلم استباقي لا رد فعل متأخر. مدرسة تحوّل المؤشرات الخفية إلى بيانات قابلة للتحليل، والتدخل المبكر إلى ممارسة يومية تُنقذ الأرواح وتدعم الاستدامة.
الإيماءة المرتبكة، الصمت غير المبرر، الانفعال المفاجئ، فقدان التركيز… ليست تفاصيل صغيرة، بل إشارات عميقة لخطر يقترب. هنا يتدخل المحفز الصامت عبر أداة STARC بأسئلتها التحليلية، تليها أداة STAR-Cycle التي تضمن متابعة الحالة حتى الإغلاق أو التصعيد، في حلقة تصحيحية مدعومة بمؤشرات أداء تجعل السلامة علمًا قابلًا للقياس وثقافة قابلة للترسيخ.
هذه الرؤية لا تخص بيئة صناعية فقط، بل تمتد إلى كل القطاعات: الطاقة، البناء، الصحة، التعليم، والنقل. لأنها في جوهرها تتعامل مع الإنسان قبل الآلة، مع وعيه وصمته وما يخفيه سلوكه من دلائل.
طموحي أن يصبح المحفز الصامت علامة فارقة في الفكر العالمي للسلامة؛ أن يقال يومًا إن المملكة لم تكتفِ باستيراد النماذج، بل صنعت نموذجها الخاص الذي جمع بين الأصالة والدقة العلمية، وحوّل السلامة إلى قيمة وطنية واستثمار استراتيجي وحق إنساني.
إن هدفي ليس نظرية تُقرأ في الأوراق فقط، بل واقع يُغيَّر وعالم أكثر أمانًا يُصنع. وأؤمن أن البداية ليست في ضجيج التحذيرات أو صرامة اللوائح، بل في ذلك الصمت العميق الذي يسبق الخطر… الصمت الذي إذا أُحسن فهمه، صُنعت به الوقاية وصِيغ به المستقبل.
يزيد سعود المطيري
مؤسس نظرية المحفز الصامت